تفاعل الدواء مع الغذاء
ما هو تفاعل الغذاء مع الدواء؟
عندما يغير غذاء ما أو شراب ما من تأثيرات الدواء، فإن هذا التغيير يعتبر تفاعلا بين الدواء والغذاء. ومثل هذه التفاعلات تعتبر عادية. لكن عادة لا تتأثر كل الأدوية بالغذاء، كما أن بعضها يتأثر فقط ببعض الأغذية. يمكن لتفاعلات الغذاء والدواء أن تقع مع وصفة الأدوية نفسها والأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية والمستحضرات العشبية والمكملات الغذائية. وعلى الرغم من أن بعض التفاعلات قد تكون مضرة جدا أو مميتة في حالات نادرة، فإن أخرى قد تكون مفيدة، وعموما فإن أغلبها لا تتسبب بتغيرات ملحوظة على الصحة العامة.
كيف يتفاعل الغذاء مع الدواء؟
يمكن للأدوية والأغذية أن تتفاعل بعدة طرق، وغالبا ما يكون مركب خاص في الأغذية هو الذي يتسبب في هذا التفاعل. أما التغيرات الأخرى فيمكنها أن تحصل بسبب كميات البروتينات في الغذاء، أو بسبب طريقة تحضير الغذاء نفسه. وعلى سبيل المثال، فإن شوي لحم البقر على الفحم ينتج بعض المركبات التي تغير الطريقة التي يستعمل بها الجسم بعض الأدوية. ومن بين الطرق المعروفة التي تؤثر بها الأغذية على الأدوية، تغيير طريقة الاستقلاب التي ينتهجها الجسم. فالأنزيمات تعمل على استقلاب الكثير من الأدوية، وبعض الأغذية يمكنها جعل هذه الأنزيمات تعمل إما بطريقة سريعة أو بطيئة، وذلك عن طريق تقصير أو إطالة المدة التي يستغرقها الدواء في الجسم. وإذا كان الغذاء يسرع الأنزيم، فإن الدواء سيستغرق وقتا أقصر في الجسم وقد يكون أقل فاعلية. وإذا كان الغذاء يبطئ الأنزيم فإنه يقضي وقتا أطول في الجسم وبالتالي يمكنه أن يتسبب في بعض التأثيرات الجانبية الغير مرغوب فيها.
ما هي بعض تفاعلات الأغذية والأدوية العامة؟
إن الأغذية التي تحتوي على مادة التيرامين TYRAMINE (بما في ذلك الجعة والخمر وفاكهة الأفوكادو وبعض الأجبان وبعض اللحوم المعالجة) تعمل على إبطاء الأنزيمات التي تستقلب أدوية مضادة للكآبة وبالتالي يمكنها أن تتسبب في تأثيرات خطيرة مثل الضغط المرتفع. يمكن لبعض الأغذية أن تمنع امتصاص الأدوية وبعضها الآخر يمكنها أن تزيد من درجة الامتصاص. وعلى سبيل المثال، فإن شرب كأس من الحليب في وقت تم فيه أخذ المضاد الحيوي "التيتراسيكلين"، يجعل الكالسيوم الموجود في الحليب يرتبط مع التيتراسيكلين، وبالتالي يصبح مركبا صعب الامتصاص من طرف الجسم. لذلك، فإن التأثير المرجو من التيتراسيكلين (وكذلك فوائد الكالسيوم) لن يقع أبدا. ومن جهة أخرى، فإن شرب كأس من عصير الليمون في نفس الوقت مع مكمل من الحديد يعتبر مفيدا لأن فيتامين "ج" في الليمون يزيد من درجة امتصاص الحديد. وأخيرا، فإن بعض الأغذية يمكنها أن تتداخل مع التأثير المطلوب من الدواء. وعلى سبيل المثال، فإن الناس الذين يستعملون عقاقير الوارفارين "Warfarin" الخاصة بإزالة تخثر الدم، يجب عليهم ألا يتناولوا أغذية تحتوي على فيتامينات "K" مثل البروكولي والسبانخ. ففيتامينات "K" تساعد على تخثر الدم، وبالتالي قلب تأثير الوارفارين. والعكس هو الذي يمكن أن يقع مع فيتامينات "هـ" والبصل والثوم لأنه يمكنها إنتاج تأثيرات شبيهة بتأثيرات الوارفارين. وإن كميات كبيرة من هذه الأغذية يمكنها أن تجعل تأثيرات الوارفارين قوية جدا.
التفاعل الأكثر معاناة من سوء الفهم: عصير الجريب فروت.
واقع الأمر هو أنه على الرغم من أن بعض الأدوية قد تتفاعل مع عصير الجريب فروت، فإن أغلبها ليس كذلك. بل يعتقد أنه من الأمان استهلاك عصير الجريب فروت مع أي أدوية لا تحتاج إلى وصفة طبية. منذ عقد مضى، اكتشف العلماء مادة توجد في الجريب فروت تتداخل مع بعض الأدوية، مما دفعهم للتركيز كثيرا على آثار الجريب فروت، واكتشفوا بعض التفاعلات الخاصة التي يمكن أن تكون خطيرة. وكنتيجة لذلك، فإن التقارير الصحافية قد ضخمت من الموضوع، مما دفع بالكثير من الناس إلى الاعتقاد بأنه يجب تجنب عصير الجريب فروت. وتعتبر بعض هذه التقارير مشوشة لأنها تشير فقط إلى الحالات الصحية التي يمكن معالجتها عن طريق الأدوية المتأثرة. على أي، فإنه يمكن استعمال العشرات من الأدوية التي لا تفاعل لها مع الأدوية لمعالجة نفس الحالات. أما التفاعلات المسجلة مع عصير الجريب فروت، فإنها تقع فقط لأن عصير الجريب فروت يغير من تأثير الأنزيمات في الأمعاء. فقط الأدوية التي يتم استقلابها من طرف هذه الأنزيمات، هي التي ستتأثر بعصير الجريب فروت. ويمكن سؤال الطبيب المختص أو الصيدلي إن كانت هناك أية أدوية (يتم أخذها من طرف الشخص) تتفاعل مع عصير الجريب فروت. إذا كان الجواب هو "لا"، فإنه يمكن استهلاك عصير الجريب فروت بدون أي خوف، وإذا كانت الإجابة هي "نعم" وكانت هناك رغبة في استهلاك عصير الجريب فروت، فيجب السؤال إذا كان هناك أي دواء آخر متاح لا يتفاعل مع الجريب فروت.
ماذا لو أنه كان هناك منع لاستهلاك غذاء معين مرغوب فيه كثيرا؟
إذا كانت نصيحة الطبيب أو الصيدلي ترتكز على تجنب بعض الأغذية خلال فترة أخذ الدواء، فإنه من الضروري فعلا تجنب ما ينصح الطبيب أو الصيدلي بالابتعاد عنه. لكن قد تكون هناك اختيارات أخرى متاحة. ويجب دائما استشارة الطبيب أو الصيدلي في ذلك. تقع بعض تفاعلات الأدوية والأغذية فقط عندما يتم استهلاك ما أمر الطبيب أو الصيدلي بالابتعاد عنه مؤقتا خلال فترة تناول الدواء. ويمكن ساعتها تطوير جدول يسمح باستهلاك الدواء والغذاء معا دون أي تعارض. ويمكن للطبيب وصف دواء آخر بنفس الفعالية لكن دون أن تكون له تفاعلات سلبية مع الغذاء. وعلى سبيل المثال، فإن الكثر من الأدوية الخاصة بتقليل الكوليسترول في الدم، مثل الستاتين "Statins"، قد تتفاعل مع عصير الجريب فروت. كما أنه ليس لكل أنواع الستاتين مثل هذا التفاعل. مع الأسف، فإنه من الضروري الامتناع عن بعض الأغذية خلال استهلاك بعض الأدوية، من أجل حماية الصحة من أي آثار جانبية.
كيف يمكن معرفة ما إذا كانت بعض الأغذية آمنة للاستهلاك؟
لحسن الحظ فإن عدد التفاعلات الدوائية الغذائية ذات النتائج المضرة هي قليلة. وعموما، يجب قراءة ورقة المعلومات الداخلية المرافقة للدواء جيدا لتحديد أي تفاعل محتمل. بالإضافة لذلك، يجب دائما التحدث إلى الطبيب أو الصيدلي حول أي تفاعلات معروفة لأي دواء أو غذاء ثم توضيح الخيارات الواردة بعد ذلك. ثم إذا كان يبدو أن الأدوية لم تأت بالنتيجة المنتظرة منها، أو إن كانت هناك أية آثار جانبية غير مرغوب فيها (خاصة إذا كانت التأثيرات تتغير خلال فترة العلاج) فيجب ساعتها مراجعة البرنامج الغذائي المتبع مع الطبيب أو الصيدلي لتقييم أي تفاعلات أخرى.